أسيوط - محمد محيى النجار
لم يعد نشر الشائعات مجرد هوس لأفراد بل تحوّل إلى «صناعة» متقنة بمواصفات عالمية تُدار من خلال أقوى التقنيات الحديثة وأبرزها الذكاء الإصطناعي الذي نجح في إختراق عقولنا ومشاعرنا ليحولنا دون أن ندري إلى «مشاركين» في تدمير إقتصادنا ومجتمعنا وهو ما كشف عنه الدكتور أيمن محمد عياد مدير معهد تكنولوجيا المعلومات خلال الندوة الكبرى التي نظمها مجمع إعلام أسيوط التابع للهيئة العامة للإستعلامات تحت عنوان "الذكاء الإصطناعي ودوره في نشر الشائعات والتحديات والحلول وذلك بحضور 150 مشاركًا يمثلون قطاعات التعليم، الصحة، البيئة، الزراعة، الطب البيطري وشباب الجامعات
حذر الدكتور أيمن محمد عياد من وقوع الملايين في براثن هذه الصناعة الخطيرة مشيراً إلى إرتفاع معدلات إنتشار الشائعات بنسبة مذهلة بلغت 54% مشيراً إلى أن الزيادة لم تأتِ من فراغ بل نتيجة «إستغلال منهجي» لوسائل التواصل الإجتماعي يقوم على إستهداف «حسن النية» لدى المستخدم العادي وتحويله إلى ناقل مجاني لأخبار مزيفة تُصنع بعناية فائقة لتحقيق أهداف تخريبية
التعمق المعلوماتي وتحليل الخطر
أوضح مدير معهد تكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة الإتصالات بجامعة أسيوط أن الشائعات لم تعد تقتصر على «خبر كاذب» فقط بل تطورت إلى «فن» يستغل جزءاً ضئيلاً من الحقيقة ثم يبني حوله إختلاقات غير واقعية بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف الخبيثة ومنها إضعاف الأفراد إنتاجياً ونفسياً ونشر قيم سلبية تفتت تماسك المجتمع وبث الكراهية بين الطبقات والفئات الإجتماعية والإنتماءات المختلفة وتوجيه ضربات موجعة للإقتصاد عبر التأثير على سوق المال وإلحاق خسائر فادحة بالشركات أو التلاعب بالأسعار وإشعال الأزمات أو إحداث تأثير سياسي سلبي لصالح أجندات خارجية بهدف إضعاف ثقة المواطن في مؤسساته
وحذر الدكتور أيمن محمد عياد من أن «الخبر السلبي» أو «القصة المحبطة» يتم هندستها بعناية لإستثارة الشكوك ودفع المستخدم للمشاركة العاطفية مستغلةً المشاعر الدينية والوطنية والإجتماعية داعياً الجمهور إلى «التوقف فورًا» أمام أي محتوى مثير أو غير منطقي أو يبدو صحيحاً وجذاباً ومؤثراً ومن ثم عدم مشاركته عبر وسائل التواصل الإجتماعي
آليات الجريمة الإلكترونية والتحذير من المخاطر
لفت أيمن عياد إلى أن الحرب لم تعد تقليدية فالدول والشركات العابرة للقارات تنفق المليارات على «تقنيات التضليل» وتوظف برامج التجسس عبر الألعاب أو الروابط الوهمية والتي تدّعي توزيع جوائز أو منح لجمع البيانات الشخصية للمستخدمين والتي تُباع بعد ذلك لأجهزة إستخبارات أجنبية لإستخدامها في شن حملات تأثير ممنهجة
وشدّد على أن المواطن المصري في ظل غياب «التوعية الأمنية السيبرانية» الكافية أصبح هدفاً سهلاً حيث يسهل إختراقه وإستغلال بياناته مما يُمكّن الأجهزة المعادية من تحقيق أهدافها التخريبية بسهولة كبيرة
الحلول والتوعية العملية
من جانبها أوضحت الإعلامية فاطمة أحمد حسين أن الندوة شملت تدريبات عملية مكثفة للحضور على كيفية كشف الفيديوهات والصور المُزيفة والمحرفة وفنون التعرف على الأخبار المضللة وكيفية تحليل المحتوى المشبوه والطرق غير المباشرة التي يستخدمها صناع الشائعات
وأضافت أن الحل يبدأ بـ«عدم الموافقة» على تصريحات إستخدام البيانات الشخصية بشكل عشوائي والحذر من الإعلانات والهدايا الوهمية والتحقق دائمًا قبل المشاركة
في السياق ذاته أعلنت عبير جمعة مدير مجمع إعلام أسيوط أن هذه الندوة تأتي ضمن حملة كبرى للتوعية بمخاطر الشائعا برعاية الدكتور أحمد يحيى رئيس قطاع الإعلام الداخلي بالهيئة العامة للإستعلامات مشيراً إلى خطة لتعميم هذه الحملة على المدارس والجامعات والنوادي الشبابية في جميع أنحاء المحافظة
وشددت على أن المستهدفين بهذه الهجمات المضادة كما في لقاء اليوم هم «صناع الرأي» والمؤثرون في قطاعاتهم بهدف الإحالة دون تقويض الثقة بين المواطن والدولة ومنع الإحباط المجتمعي وتقويض الأهداف السلبية تجاه إلحاق الخسائر بالإقتصاد الوطني وهو ما تم تحليله عبر عشرات الأمثلة الواقعية للشائعات التي تم تفكيكها وكشف آلية عملها عبر إحترافية التصنيع سواء البشري أو بواسطة آلات الذكاء الإصطناعي




















إرسال تعليق
اترك تعليق حول الخبر